د. أحمد محمد جلالة[1].

ورقة قدمت في مؤتمر المعلم الثالث ، نقابة المعلمين مارس 2007 طرابلس.

          يفرق الاقتصاديون بوضوح بين النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية. فالأول له أبعاد كمية يمكن قياسها تتمثل فـي الناتج المحلي الاجمالـي ، ومتوسط دخل الفرد ، وتطـور الانتاجية ...الخ. أما التنمية الاقتصاديـة فبالإضافـة للابعاد الكمية لها أبعـاد أخرى غير كمية ـ لايمكن قياس بعضها ـ مثل الشعور بالعزة والكرامة ، والحريات ، والأمن البيئي ، والأمن الغذائي ، والامن الاقتصادي والتعليمي والصحي ...الخ. وبالضرورة فإن الثاني يشمل الأول  والعكس غير صحيح. ولقد تعددت النماذج الاقتصادية لدراسة العلاقات السببية بين النمو الاقتصادي والتنمية ، وتطورت خلال الزمن. كما اختلفت هذه النماذج ـ بشكل أو أخر ـ في أسباب ومحددات النمو الاقتصادي والتنمية ، لكن معظمها ـ إن لم تكن كلها ـ تفترض أن للتعليم دور هام على الأقل في إحداث النمو الاقتصادي. ويرتكز الاعتقاد في وجود علاقة بين التعليم والنمو الاقتصادي ، عموماً ، على سببن :[2]

1.    أن أوربا وأوربا الغربية تحديداً شهدت تطوراً كبيراً وملحوظاً في مستويات المعيشة منذ عام 1800 تقريباً ، لم يرافقه تطور مماثل في الكثير من المجتمعات المتفشية فيها الأمية خلال نفس الفترة. فالتعليم ضروري للاستفادة من التطورات العلمية كما هو ضروري لإحداثها.

2.    تشير الكثير من الدراسات التطبيقية إلى أن دخل الفرد يتحسن نتيجة التعليم. وإذا ما صدق هذا على الفرد ، فمن الممكن أن يصدق على المجتمع ككل. وتبعاً لذلك يمكن القول أن المجتمعات التي ترتفع فيها مستويات التعليم بشكل مستمر ترتفع فيها معدلات تطور الدخل بنسبة تفوق كثيراً المجتمعات التي لا تتطور فيها مستويات التعليم وإن فعلت فبنسب منخفضة. ليس هذا فقط ولكن إذا ما صدق القول أن الاستثمار في التعليم على المستوى الفردي يرفع من الدخل ، فمن الممكن استنتاج أن الاستثمار في التعليم على مستوى المجتمع يؤدي إلى نفس النتيجة.

 

        وفي المرحلة التي تلت الحرب العالمية الثانية صار من المسلم به لدى الكثير من المفكرين الاقتصاديين ورواد الاصلاح أن التعليم كان أحد الأسباب المهمة في إحداث النمو الاقتصادي وبالتالي التنمية في الدول الأكثر تقدماً في عالم اليوم. وبناءً عليه فإنه لابد للدول النامية من تطوير نظم تعليم كبيرة وبالتالي إحداث نمو اقتصادي يتبعه تطور في مستويات التنمية الاقتصادية إجمالاً. هذا التصور يفترض أن العلاقة بين التعليم ومخرجاته ، والنمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية علاقة خطية بسيطة يمكن تحقيقها بتوفر الموارد المالية الازمة لبناء نظام تعليمي كبير وفعال. والحقيقة أن نماذج الكلاسيكيين المحدثين(Neoclassical models)  كانت قاصرة في تعاملها مع التغير التكنولوجي وبالتالي تطور الانتاجية كنتاج لعمليات تنمية الموارد البشرية ، فقد افترضت هذه النماذج أن التغير التكنولوجي محدد مـن خارج النموذج ، أو مـا يصطلح الاقتصاديون علـى تسميته بالعامل الخارجي (Exogenous factor). غير أنـه ومع بدايـة الثمانينيات ظهـرت نمـاذج أخرى أكثر واقعيـة عرفت بنظريات النمو الجديـدة (New Growth Theories) ، وقد افترضت بعض هـذه النظريات الجديدة أن رصيد الموارد البشرية محدد أساسي في عملية النمو الاقتصادي ، وتحديداً فإن التعليم يساهم في إحداث النمو الاقتصادي في إتجاهين:

1.    بشكل مباشر من خلال تطوير إنتاجية الفرد.

2.    بشكل غير مباشر بتطوير المعرفة التكنولوجية ضمن مجموعة كبيرة من العوامل غير المباشرة الأخرى.

ليس هذا فقط ولكن للتعليم تأثير يمر بأربع مراحل من الناحية النظرية:[3]

1.    فترة التعلم والحضانة.

2.    فترة النمو الاقتصادي السريع.

3.    فترة النضج أو النمو الاقتصادي المستقر ولكن بمعدلات أقل من المرحلة الثانية.

4.    فترة الشيخوخة والتي تنخفض فيها معدلات النمو الاقتصادي.

 

تصوير تأثير التعليم على النمو الاقتصادي بهذا الشكل يجعل من وظيفة التعليم أساسية ومهمة حتى لا يصل النظام الاقتصادي إلى مرحلة الشيخوخة ، بمعنى أنه على نظام التعليم تطوير نفسه بشكل مستمر وتجديد أساليبه وفلسفته للتغير مع التغير في المعطيات المختلفة الأخرى بحيث لا يصل تأثيره على النمو الاقتصادي إلى المرحلة الرابعة. ومن البديهي أن تجديد المراحل الأربع المشار إليها عاليه يتطلب وقتاً أقصر بمرور الزمن مما يحمل نظام التعليم مسؤوليات أكبر.

 

إذاً والحالة هذه العلاقة بين الاستثمار في التعليم على المستويين الفردي والاجتماعي والنمو الاقتصادي تظهر واضحة من الناحية النظرية وبشكل أو أخر من تجربة الدول الأكثر تقدماً. لكن المثير للقلق أن الفجوة بين الدول الأكثر تقدماً والدول النامية لازالت تزداد اتساعاً بمرور الزمن رغم أن هذه الأخيرة قد ارتفعت فيها مستويات التعليم ومعدلات الالتحاق بالمدارس والإنفاق على التعليم ، ولم يستطع إلا عدد قليل من الدول النامية مثل جنوب كوريا ، وسنغفورا ، وماليزيا ...الخ من تحقيق معدلات نمو اقتصادي معقولة في الفترة التي تلت السبعينيات. ليس هذا فقط ولكن المثير للقلق فعلاً أنه ورغم ارتفاع نسب الالتحاق بالمدارس والجامعات فـي الدول الغنية بالموارد الطبيعية ومـن بينها الدول المنتجة والمصدرة للنفط بما فيها ليبيا ، فإن معدلات النمو الاقتصادي خلال الفترة 1965 ـ 1998م كانت سالبة.[4] لهذا السبب فإن هذه الورقة ستحاول مراجعة طبيعة العلاقة بين التعليم والنمو الاقتصادي والتنمية. ولموضوع الورقة أهمية بالغة في عالم ثورة المعلومات والاتصالات والعولمة والتطور في العلوم والمعارف التكنولوجية المختلفة الذي يتطلب كفاءات ومهارات علمية عالية.

 

        وفي سبيل تحقيق هدف هذه الورقة فقد قسمت إلى   اجزاء رئيسية: الجزء الأول لمحة تاريخية. والجزء الثاني يتناول  التحليل على المستوى الجزئي أو عوائد التعليم على المستويين الفردي والاجتماعي. أما الجزء الثالث فيتناول التحليل على المستوى الكلي. والجزء الرابع والأخير خاتمة.

 

أولاً: لمحة تاريخية:

        تتبع تأثير التعليم على النمو الاقتصادي أو تأثره به تاريخياً أمر محفوف بالمخاطر وفي كثير من الاحيان غير ممكن نظراً لعدم توفر المعلومات. فالتعليم قبل القرن التاسع عشر كان نوع من الترف العلمي محدود في النخبة ومرتبط بشكل كبير بالتعليم الديني. والواقع أنه في المملكة المتحدة لم يصبح التعليم الابتدائي إلزامياً إلا في عام 1870م ، ولم يدخل التعليم الثانوي المجاني إلا بشكل محدود في عام 1907 وأدخل التعليم الثانوي المجاني للجميع في عام 1944م.[5] ليس هذا فقط ولكن بعض المصادر تشير إلى أن نوعية التعليم في حد ذاتها لها أثر كبير في تحديد العلاقة بين التعليم والنمو الاقتصادي ، ففي أسبانيا كان التعليم مسيطر عليه من قبل الكنيسة ومرتكزاً على التلقين الديني دون تطوير المهارات والكفاءات وبالتالي فإن أسبانيا تخلفت عن بقية الدول الأوربية في النمو الاقتصادي في نفس الفترة.[6]

 

        هذا وقد استطاع أحد البحاث استنتاج أن هناك ارتباط موجب بين الناتج المحلي الاجمالي للفرد عام 1913م ، والانخراط في التعليم الابتدائي عام 1882 م لعدد ثماني دول هي: المملكة المتحدة ، وفرنسا ، والمانيا ، وأسبانيا ، وايطاليا ، واليابان ، والبرازيل ، وكوريا.[7]  ويبين الجدول رقم (1) ملخص العلاقة بين الالتحاق بالتعليم الابتدائي والناتج المحلي الاجمالي للفرد.

 

 

الجدول رقم (1): العلاقة بين الالتحاق بالتعليم الابتدائي عام 1882م والناتج المحلي الاجمالي للفرد عام 1913م.

الدولة

الالتحاق  بالتعليم الابتدائي عام 1882 لكل 10000 نسمة

الناتج المحلي الاجمالي للفرد عام 1913م (بالدولار الامريكي عام 1984)

المانيا وفرنسا

1400 ـ 1600

يفوق 2500 دولار

اسبانيا

1050

يفوق 2000 دولار

ايطاليا

700

2000 دولار

اليابان

750

يفوق 1000 دولار

البرازيل

200

600 دولار

كوريا

أقل من 50

أقل من 1000 دولار

 

        ومهما يكن من أمر هذه الدراسة فإن حجم العينة صغير جداً ولايمكن الوثوق بنتائجها على هذا المستوى ، ومن المحتمل أن يكون التطور في الناتج المحلي الاجمالي للفرد ناتج من عوامل أخرى لم تدخل في الحساب. كما أن ارتفاع الناتج المحلي الاجمالي للفرد من الممكن أن يكون هو السبب في ارتفاع مستويات التعليم وليس العكس ، حيث أن ارتفاع الناتج المحلي الاجمالي للفرد تسبقه وفي نفس الوقت تعقبه مستويات مرتفعه من التعليم. ورغم محدودية نتائج هذه الدراسة فإنها تشير إلى أن ارتفاع مستويات الانخراط في التعليم الابتدائي بنسبة 1% تزيد الناتج المحلي الاجمالي للفرد بنسبة 0.35% بعد 30 عاماً!!!!

 

ثانياً: التحليل على المستوى الجزئي (عوائد التعليم):

        تقسم عوائد التعليم على المستوى الجزئي إلى نوعين: الأول عوائد التعليم للفرد ، والثاني عوائد التعليم الاجتماعية. وتحتسب عوائد التعليم الاجتماعية من عوائد التعليم الفردية بعد التصحيح بإضافة تكاليف التعليم التي يتحملها المجتمع ولا يتحملها الفرد. وتبعاً لذلك فإن عوائد التعليم للفرد تفوق عوائد التعليم للمجتمع ككل.

 

وتفترض النظرية الاقتصادية أن يواصل الفرد تعليمه إلى أن تتساوى التكلفة الحدية والعائد الحدي للتعليم ، بمعنى أن تتساوى تكلفة سنة دراسية إضافية والاضافة إلى العائد المتوقع نتيجة دراسة هذه السنة. فالتفسير الاقتصادي الصرف لمواصلة التعليم ترتكز على أن قضاء فترة أطول في الدراسة ستزيد الدخل (العائد) بقدر يفوق التكاليف بما في ذلك الدخل الضائع نتيجة الدراسة بدل العمل ، وأي ابتعاد عن هذا المسار ناتج عن اعتبارات إجتماعية.

 

وتشير نتائج الدراسات التطبيقية إلى ارتفاع معدل العائد السنوي للفرد مقارنة بمعدل العائد الاجتماعي كما سبقت الإشارة لذلك ، ويبين الجدول رقم (3) ملخص لنتائج بعض هذه الدراسات.(2).[8]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الجدول رقم (2): معدل العائد السنوي للتعليم الفردي والاجتماعي ، سنوات مختلفة ـ 1970 ، 1990.

 

معدل العائد السنوي للفرد (%)

معدل العائد السنوي الاجتماعي (%)

الدولة

الابتدائي

الثانوي

العالي

الابتدائي

الثانوي

العالي

مصر 1988

5

6

9

 

 

 

مصر 1998

5

6

8

 

 

 

الأردن 1997

3

9

7

 

 

 

الأردن 2004

2

4

9

 

 

 

المغرب 1991

8

9

12

 

9

10

المغرب 1999

5

8

9

 

8

9

اليمن 1997

3

2

4

 

 

 

اندونيسيا 1977

 

25

16

 

 

 

اندونيسيا 1978

 

 

 

22

16

15

اندونيسيا 1989

 

 

 

 

11

5

كوريا 1974

 

20

19

 

16

12

كوريا 1979

 

14

19

 

11

12

كوريا 1986

 

10

19

 

8

12

الفلبين 1971

9

6

10

7

6

8

الفلبين 1977

 

 

16

 

 

8

الفلبين 1988

18

10

12

13

9

10

الارجنتين 1985

30

9

11

 

 

 

الارجنتين 1987

 

14

12

 

12

11

الأرجنتين 1989

10

14

15

8

7

8

الأرجنتين 1996

 

16

16

 

12

12

البرازيل 1970

 

25

14

 

24

13

تشيلي 1976

28

12

10

12

10

7

تشيلي 1985

28

11

10

12

9

7

تشيلي 1987

 

19

20

 

15

15

تشيلي 1989

10

13

21

8

11

14

كولومبيا 1973

15

15

21

 

 

 

كولومبيا 1989

28

15

22

20

11

14

المكسيك 1984

22

15

22

19

10

13

البيرو 1984

 

 

 

41

3

16

البيرو1990

13

7

 

 

 

 

البيرو 1997

 

8

12

 

7

11

اورجواي 1987

 

19

18

 

19

16

أورجواي 1989

 

10

13

 

8

12

اورجواي 1996

 

36

12

 

30

10

Source: Martin Carnoy, “ Higher Education and Economic Development: India, China, and The 21est Century”,  Stanford Center for International Development, June 2006.

 

يتبين من الجدول رقم (2) أن هناك إتجاه عام لتزايد عوائد التعليم بتزايد المستوى الدراسي ، ففي فترة التسعينيات يظهر أن عوائد التعليم الجامعي أكبر من عوائد التعليم الثانوي والابتدائي. كما يتبين أن عوائد التعليم في الدول العربية المشمولة في العينة تمثل أدنى العوائد عموماً. ورغم أن عوائد التعليم الاجتماعية لم يتم إحتسابها بالنسبة للدول العربية المشمولة في العينة ، فإنها وبالضرورة أقل من العوائد الفردية. من هنا يمكن القول أنه ولكي يكون للتعليم تأثير على النمو الاقتصادي لابد أن تكون عوائد التعليم الفردي عالية أولاً.

لكن دراسة أخرى تشير إلى أن العائد الاجتماعي للتعليم ينخفض بزيادة عدد سنوات الدراسة للفرد ، ليس هذا فقط ولكن العائد الاجتماعي للتعليم ينخفض أيضاً بتزايد الدخل كما يتبين من الجدول رقم (3).[9]

 

جدول رقم (2): عوائد التعليم الاجتماعية لمستويات مختلفة من الدخل.[10]

مستوى الدخل للفرد

العائد الاجتماعي للتعليم

 

التعليم الابتدائي

التعليم الثانوي

التعليم العالي

 منخفض

23.4

15.2

10.6

متوسط (منخفض)

18.2

13.4

11.4

متوسط (مرتفع)

14.3

10.6

9.5

مرتفع.

-

10.3

8.2

 

        ويمكن تلخيص نتائج الدراسة المشار اليها فيما تقدم فيما يلي:[11]

1.    معدل العائد أعلى في الدول منخفضة الدخل.

2.    التعليم الابتدائي يساهم بشكل أكبرفي الدخل المتوقع للفرد في الدول النامية.

3.    معدل العائد ينخفض مع المستوى التعليمي ومتوسط دخل الفرد.

4.    الاستثمار في تعليم البنات يعطي معدل أعلى من الاستثمار في تعليم الاولاد.

5.    العائد للمتعلمين في القطاع الخاص أكبر من العائد في القطاع العام.

 

ولعله من المهم الإشارة في هذا المقام إلى أنه إذا ما صدق القول أن معدل العائد ينخفض مع المستوى التعليمي ، فإنه من الواجب خفض استثمار الدولة في التعليم العالي في مقابل التعليم الابتدائي والثانوي حيث العائد المتوقع أقل. ليس هذا فقط ولكن مثل هذه النتائج تقول أن الأفراد بإرادتهم سوف يتوقفون عن الاستمرار في التعليم إذا كان العائد المتوقع ينخفض بزيادة المستوى الدراسي ، خصوصاً وأن الأكثر تعلماً دائماً يحصلون على مرتبات أعلى. من هذا المنطلق فإن زيادة العائد الفردي أو الاجتماعي المتزايد بتزايد التعليم يبدو أكثر إقناعاً. وإذا كان الأمر كذلك فإن الأفراد بإرادتهم سيتجهون إلى الاستثمار في التعليم العالي وهذا يتطلب التوسع في التعليم العالي.

 

        وعلى العموم فإنه لايوجد شك في أن للتعليم تأثيرات إيجابية كبيرة على الدخل ، وتحسين فرص الحصول على عمل مناسب. فالدراسات التطبيقية تشير إلى أن سنة تعليم إضافية ترفع الدخل في الدول الأوربية بنسبة 6.5% تقريباً ، وقد يصل هذا التأثير في بعض دول الاتحاد الأوربي إلى حوالي 9%. [12]  ويشير نفس المصدر إلى أن معدل العائد الفردي يتراوح بين 7.5% و 10% لمعظم الدول الأوربية.

 

كما أنه من المهم الإشارة إلى أن الدراسات السابقة تقيس تأثير مستتوى التعليم على دخل الفرد أو العائد فقط ، وهذا لا يعكس تأثير التعليم على انتاجية الفرد ، خصوصاً في الدول النامية التي يسود في اقتصاداتها القطاع العام. إذ أن استخدام الشهادات التعليمية الأعلى للحصول على وظائف في القطاع العام تدفع مرتبات افضل لايعني على الاطلاق تطور في إنتاجية الفرد.  وعموماً ، فإن معدل العائد على التعليم يكون مقياساً لتأثير التعليم على النمو الاقتصادي فقط إذا كانت الفروق في المرتبات تعكس الفروق في الانتاجية. من هذا المنطلق وإذا لم يكن للتعليم أي تأثير ظاهر على الانتاجية ، فإنه من غير المعقول أن يكون له تأثير ظاهر على النمو الاقتصادي. لكن هل هناك تأثيرات أخرى للتعليم غير الدخل؟

 

        بمعنى هل توجد تأثيرات إيجابية للتعليم غير الدخل من الممكن أن تؤثر على النمو الاقتصادي بشكل مباشر أو غير مباشر؟ تشير أحد الدراسات إلى أنه وبجانب تأثير الدخل هناك مجموعة أخرى من التأثيرات الايجابية منها:[13]

 

1.    للتعليم تأثير إيجابي على تحسين المستوى الصحي للفرد وبالتالي ارتفاع العمر المتوقع. إذ من المحتمل أن يختار الانسان الأكثر تعلماً الوظائف ذات المخاطر الصحية الأقل. كما أن ارتفاع الدخل نتيجة التعليم يؤدي إلى الحصول على عناية صحية أفضل ، واتباع نمط حياة أكثر قرباً من النمط الصحي. ونتيجة لتحسن والوضع الصحي فإنه من المتوقع أن

2.    تكون إنتاجية الفرد أعلى ، وعدد أيام الغياب نتيجة المرض أقل ، وعدد سنوات العمل أطول. ولهذه التأثيرات جميعاً تبعات إيجابية على النمو الاقتصادي.

3.    للتعليم تأثير إيجابي على تربية الاطفال. إذ من المتوقع أن يرعى الوالدان الأكثر تعلماً ابناءهم بصورة أفضل من الاقل تعلماً سواء في أساليب التربية أو من خلال توفر دخل أفضل ، ونتيجة لذلك تتاح فرص أكبر لاولاد المتعلمين في الحصول على تعليم افضل وفرص أفضل للعمل.

4.    للتعليم مجموعة من التأثيرات الايجابية الأخرى على زملاء المتعلم في العمل نتيجة إنتقال المعرفة عن طريق المشاهدة أو النقاش .....الخ. بالإضافة لذلك فإن الكثير من علماء الاجتماع يقترحون أن للتعليم تأثير إيجابي على خفض معدلات الجريمة.

 

ثالثاً: نماذج الاقتصاد الكلي:

يستخلص المرء من الجزء السابق أنه إذا كان للتعليم كل هذه التأثيرات الايجابية المباشرة وغير المباشرة على الفرد ، فلماذا لانلاحظ نمو اقتصادي أكبر في الدول التي تستثمر مبالغ أكبر في التعليم؟ ليس من السهل الاجابة على هذا التساؤل من خلال نتائج الدراسات التطبيقية التي تناولت موضوع. غير أنه من المسلم به أن الوصول إلى نتائج تربط بين التعليم والنمو الاقتصادي من خلال معدل العائد الفردي أو الاجتماعي أمر غاية في الصعوبة. والواقع أنه لا يمكن الاعتماد علي مثل هذه النتائج إلا بوضع مجموعة من الفروض التي تحد من كفاءة النموذج. وتبعاً لذلك فإنه من الممكن محاولة إيجاد العلاقة بين التعليم والنمو الاقتصادي مباشرة.

 

وبعيداً عن المشاكل المرتبطة بتحديد نموذج مناسب يقيس العلاقة بين التعليم والنمو الاقتصادي ، والمشاكل المرتبطة بقياس متغيراته ، فإن السؤال المهم هو هل تطور التعليم هو السبب والنتيجة النمو الاقتصادي؟ أو أن النمو الاقتصادي هو الذي يؤدي إلى رفع مستوى التعليم؟

 

        ماذا تقول الدراسات التطبيقية عن العلاقة بين التعليم والنمو الاقتصادي؟ الاجابة أن النتائج مختلطة وغير واضحة في أحسن الأحوال رغم أنه ومن الناحية النظرية هناك الكثير من الاسباب المقنعة بدور هام للتعليم في تطوير الانتاجية. تشير الكثير من الدراسات التطبيقية إلى وجود علاقة قوية بين التعليم والنمو الاقتصادي.[14] هذه الدراسات أثبتت بوضوح أن تأثير التعليم موجب على الناتج الكلي وأن التعليم محدد رئيسي لمعدلات التطور التكنولوجي.

 

        غير أن الدراسات التي ظهرت في النصف الثاني من التسعينيات اظهرت نتائج مختلفة ، حيث استنتجت هذه الدراسات أن العلاقة بين التعليم والنمو الاقتصادي ـ باستخدام الانحدار ـ غير ذات أهمية من الناحية الاحصائية.[15] وقد استنتج بعض البحاث أن ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي كما يعكسه ارتفاع الناتج المحلي الاجمالي هو السبب في تحسن مستوى التعليم.[16]  وفي الوقت الذي قبل فيه البعض بهذه النتائج ، فإن عدد من رجال الاقتصاد لم يقبل بذلك ، وعزى الأمر إلى عدد من الاسباب المتعلقة بتحديد النماذج القياسية ، وإلى عدم دقة المعلومات والبيانات المستخدمة خصوصاً اخطاء القياس.[17]  ويشير نفس المصدر إلى أن بعض الدراسات الحديثة تبين أن مساهمة التعليم في نمو الانتاج الكلي قد تفوق بكثير تقديرات عوائد التعليم المحتسبة على المستوى الجزئي. وفي دراسة حديثة عن التعليم والنمو الاقتصادي في المدى الطويل في نيجيريا خلص الكتاب إلى أن وجود علاقة موجبة وذات أهمية من الناحية الاحصائية بين التعليم والانتاجية ومن تم النمو الاقتصادي[18]

 

غير أنه ومن جانب أخر فإن نتائج تجربة ما يزيد عن النصف قرن مختلطة وغير واضحة ، فبعض الدول مثل كوريا وسنغفورا وماليزيا وغيرها حققت نجاحاً كبيراً نسبياً ، بينما تراجعت معدلات النمو الاقتصادي في بعض الدول الأخرى او على الأقل لم تتطور رغم تزايد عدد المتعلمين والخريجين فيها خصوصاً الدول الافريقية بما في ذلك الدول الغنية بالموارد الطبيعية. وتشير أحد الدراسات إلى أن نمو الناتج القومي الاجمالي (GNP) للفرد في نيجيريا لم يتغير منذ استقلالها عام 1966 ، وبالمثل فـإن نمو الناتج القومي الاجمالي للفرد خلال الفترة 1965 – 1998 لبعض الدول الأخرى الغنية بالموارد الطبيعية كان سالباً ، ففي فنزويلا وايران كان في المتوسط (-1%) ، وفـي ليبيا (-2%) ، وفـي العراق والكويت (-3%)  ، وفي قطر (-6%).[19] وتشير نفس الدراسة إلى أن الناتج القومي الاجمالي للفرد قد انخفض في المتوسط لدول منظمة الاوبك مجتمعة بمعدل 1.3% خلال الفترة 1965-1998 ، مقارنة بمعدل 2.2% تطور في المتوسط للناتج القومي الاجمالي للفرد في الدول منخفضة الدخل والدول متوسطة الدخل. وتشير نفس الدراسة أن هذا النمط سائد في عدد 65 دولة غنية بالموارد الطبيعية. ومما لاشك فيه أن مستويات التعليم قد تزايدت في كل هذه الدول سواءً بعدد التلاميذ في مراحل التعليم المختلفة أو بعدد الشهادات. ومهما كانت الاسباب وراء هذا التراجع في مستوى النمو الاقتصادي فإن النتيجة نفسها مثيرة للقلق من حيث أن مستويات التعليم وتطورها لم تستطع بمفردها أن تحسن من مستوى الاداء الاقتصادي. والقلق بالضرورة ناتج من أن الانفاق على التعليم يتنافس مع الكثير من الاستخدامات الأخرى للمال العام. وتشير نفس الدراسة إلى أن هناك عدد من الأسباب التي قد تكون وراء هذا التراجع في الناتج القومي الاجمالي للدول الغنية بالموارد الطبيعية أهمها:

1.     اعتقاد معظم مواطني الدول الغنية بالموارد الطبيعية أن هذه الموارد أهم ما يملكون وهذا يقود إلى عدم الاهتمام بالتعليم وبالسياسات الاقتصادية السليمة لتطوير الموارد البشرية.

2.     الكثير من مواطني الدول الغنية بالموارد الطبيعية يمتهنون أعمال لا تتطلب مهارات عالية وكفاءة تدر دخل نقدي مناسب. ونتيجة لذلك يسود اعتقاد أن التعليم لاعائد مجزي له.

 

بالإضافة لما تقدم هناك مجموعة أخرى من الأسباب وراء العلاقة العكسية بين التعليم والنمو الاقتصادي في الدول النامية إجمالاً. فجودة التعليم في حد ذاته قد تكون سبباً في اختلاف النتائج المتحصل عليها. والعلة قد تكون في إهمال رجال الاقتصاد للفروق في جودة التعليم بإفتراض أن التعليم عملية ميكانيكية تتطلب مدرس ، وفصل ومقاعد وكتاب .....الخ وبالربط بين هذه المدخلات المختلفة كأية عملية اقتصادية إنتاجية أخرى يمكن من خلال الامتحانات ـ مثلاً ـ الحصول على عدد من الخريجين لهم مواصفات موحدة تقريباً. ونتيجة لهذا النمط من التفكير يصير من المتوقع أن تخصيص موارد مالية أكبر للتعليم سيؤدي إلى رفع مستوى التعليم.[20] من هذا المنطلق تنصب السياسات التعليمية على توفير موارد أكبر لقطاع التعليم.

 

        غير أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن زيادة الموارد للتعليم لا تعني بالضرورة تطوير مهارات وكفاءات الطالب. فبالرغم من الزيادات الكبيرة في نفقات التعليم في الولايات المتحدة ودول منظمة التعاون الاقتصادي (OECD)  ، فإن مستويات الطلبة في المراحل التعليمية انخفضت.[21]  وتبين هذه الدراسات أن العامل الحاسم في تحسين مستويات الطلاب هو جودة المعلم أو كفاءته إن صح التعبير. كما يرى البعض الأخر أن العوامل الأخرى التي من الممكن أن تساهم في تحسين مستوى التعليم هي التركيز على يجاد نظام الحوافز المناسب للطلبة ، وللمدرسين ، ومدراء المدارس وبزيادة المنافسة بين المدارس. ويرى البعض أنه وإذا ما صدق وجود علاقة موجبة بين التعليم والنمو الاقتصادي ، فإن دخل العاملين في القطاعات الاقتصادية المختلفة غير التعليم سيرتفع بينما يظل دخل العاملين في التعليم ثابتاً!!!! ونتيجة لذلك فإن التعليم يصبح وظيفة غير مرغوب فيها ويتراجع عدد المعلمين الأكفاء. وبناءً عليه يتراجع مستوى التعليم إذا لم يتم تلافي الأمر سنوياً بتصحيح مرتبات المدرسين.[22]

 

أحد الأسباب المهمة الأخرى تدخل الدولة المباشر في اختيار التخصصات العلمية للطلبة عن طريق التخطيط أو نظام التوجيه. مثل هذا النظام ـ في ظل البيروقراطية والمشاكل الادارية المرافقة ـ غير قادر على تقدير الاحتياجات الفعلية بعد ما يزيد عن أربع سنوات مستقبلاً. ونتيجة لذلك يتواجد عدد كبير من الخريجين من الجامعات والمعاهد لا تناسب مؤهلاتهم واحتياجات سوق العمل. وتزداد الأمور حدة نتيجة التخصص الضيق لدرجة أنه يصبح من الصعب جداً إعادة التدريب والتأهيل لفرص عمل أخرى. والواقع أنه يمكن الوصول إلى نفس النتيجة إذا أخفق نظام السوق في توفير المعلومات اللازمة للطلبة لاختيار التخصصات المناسبة لاحتياجات سوق العمل. والحاجة ماسة إلى دراسة هذا الموضوع من الناحية التطبيقية.

 

وكيفما كان الحال هل يمكن التوفيق بين نتائج الدراسات التي وجدت علاقة موجبة بين التعليم والنمو الاقتصادي ، والدراسات التي وصلت إلى نتائج معاكسة؟

 

        من المحتمل أن يكون تأثير التعليم على النمو الاقتصادي يعتمد على الشروط الأساسية ، بمعنى أنه لكي يكون للتعليم تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي لابد من الوصول إلى مستوى معين من التنمية. والمقصود هنا أنه لابد أن يكون دخل الفرد الحقيقي مرتفع حتى يستطيع تعليم أولاده أولاً ، وأن تتوفر لديه الرعاية الصحية المناسبة ، ووجود المؤسسات القادرة والمستقرة ، وجود نظام حوافز مناسب .....الخ. وإذا لم تتوفر هذه الشروط الأساسية فإن تأثير التعليم على النمو الاقتصادي سيكون سالباً كما تبين بعض الدراسات المشار إليها عاليه.

 

 

رابعاً: خاتمة:

        راجعت هذه الورقة العلاقة بين التعليم والنمو الاقتصادي في محاولة لمعرفة العلاقة بينهما وبين التنمية الاقتصادية. ومن خلال الدراسات التطبيقية المختلفة تبين أن هناك مجموعة من الدراسات التي وجدت علاقة موجبة بين التعليم والنمو الاقتصادي ، بينما توصلت دراسات أخرى إلى نتائج معاكسة. ومن المحتمل أن يكون هذا الاختلاف ناتج من اختلاف الشروط الأساسية ، فلكي يكون للتعليم تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي لابد من توفر حد أدنى من الشروط الأساسية دونها تكون العلاقة سالبة. ولهذا الفهم تبعاته على السياسة العامة والتوجهات المستقبلية فيما يتعلق بالتعليم ويتطلب إعادة النظر في سياسات التعليم والتدريب برمتها. وأهم هذه التوجهات والسياسات:

1.    أن جودة التعليم تتمثل أساساً في جودة المعلم وليس في الموارد المادية الأخرى. وهذا يتطلب إعادة النظر بجدية في إعادة تدريب وتأهيل المعلم.

2.    التطور في الدخول في القطاعات الاقتصادية المختلفة غير التعليم يتطلب مراجعة سياسات تحديد المرتبات للمعلمين سنوياً حتى يتم جذب المدرسين الأكفاء أو على الأقل الإبقاء على العاملين منهم.

3.    إعادة النظر في نظام التوجيه إلى التخصصات العلمية المختلفة ومحاولة إيجاد نظام يمكن بواسطته التوفيق بين رغبات الطلبة ومتطلبات سوق العمل.

4.    تطوير آلية تجعل من نظام التعليم مرن بالقدر الكافي حتى يتمكن من الاستجابة لمتطلبات سوق العمل والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية.

5.    إعادة النظر في نظام التخصصات الضيقة جداً بحيث يصير من الممكن إعادة تدريب الخريجين في مجالات أخرى وفق التغير في متطلبات سوق العمل.

 

 



[1]  مستشار بمركز البحوث الصناعية وأستاذ باكاديمية الدراسات العليا ـ طرابلس

[2] Philip Stevens and Martin Weale "Education and Economic Growth", National Institute of Economic and Social Research , 2 Dean Trench Street, London, SW1P 3HE, Aug. 2003.

[3] Davis, S. and B. Davidson, 20/20 vision. Simon and Schster, New York, 1991, in D. Cohen and  G. Stanly. No Small changes, MacMillan Canada, 1993, Reported in Farrell, M. " Technology, Education, and  Economic Development" , A Keynote Address to the 13th Commonwealth Conference of Education,1997.

[4] Gylfason, T. "Natural Resources, Education and Economic Development", 15th Annual Congress of  The European Economic Association, Bolzano, Aug. 2000.

[5] Philip Stevens and Martin Weale 2003 Opt. Cit.

[6] Easterlin, R. " Why isn't The Whole World Developed", Journal of Economic History, 41 ,1981.

[7] Maddison, A. Dynamic Forces of Capitalist Development, Oxford University Press, 1991.

[8] Andres Bjorklund and Mikael Lindahl Opt. Cit.

[9] Psacharopoulos, G. “Returns to education: a Global Update”, World Development, 22, 1994.

[10]  اشتملت العينة على 87 دولة ، وضمت الفترة 1973 ـ 1993.

[11] Dahlin, G. “The Impact of  Education on Economic Growth: Theory , findings and Policy Implications”, Duke University,

[12] Angel  de la Fuente “ Education and Economic Growth: a quick review of the evidence and some policy guidelines”, Economic council of Finland, Prime Minster Office, 2006.

[13] Andres Bjorklund and Mikael Lindahl, “Education and Economic Development –What does empirical research show about causal relationships?”, The Swedish Institute for Social Research, Stockholm University, Report for ESS, 2005.

[14] مثل الدراسات التي قام بها:

Barro, R. “Economic Growth in a Cross Section of  Countries.”, Quarterly Journal of Economics, 2, 1991. And Landau, D. “ Government Expenditure and economic Growth a Cross Country Study”, Southern Journal of Economics, 1983 and Mankiw, G., D. Romer and D. Weil “ A Contribution to the Empirics of Economic Growth”, Quarterly Journal of Economics, 1992.

 

[15] أنظر مثلاً Benhabib, J. and M. Spiegel “The Role of Human Capital  in Economic Development: Evidence from Aggregate Cross Country Data” Journal of Monetary Economics, 34, 1994 And  Islam, N. “Growth Empirics: a panel data approach”, Quarterly Journal of Economics, 110, 1995. And Caselli et. al. “Reopening  the Convergence Debate: a new look at cross-country growth empirics”,  Journal of Economic Growth, 1996.

[16] As reported in Andres Bjorklund and M. Lindahl, 2005, Opt. Cit.

[17] Angel de la Fuente, 2006, Opt. Cit.

[18] Musibau A. B. et. al. “Long-Run Relationship between Education and Economic Growth in Nigeria: Evidence from the Johansen’s Cointegration  Approach” presented at the regional conference on education in west Africa Dakar, 2005.

[19] Gylfason, T. “ Natural Resources, Education and Economic Development” 15th Annual Congress of The European Economic Association, Bolzano, Aug. 2000.

[20] Angel de la Fuente 2006 Opt. Cit.

[21] Hnushek, E. “The Failure of Input-Based Schooling Policies”, Economic Journal, 2003.

[22] Jonathan Temple, "Education and Economic Growth",  HM Treasury Seminar on economic growth and government polcy, Oct. 2000.